صفحة 15

جلس هناك القُرفصاء وهو يشعر بالبرد الشّديد وكلّما تحرّكت الرّيح تجاهه كلّما ازداد ارتجافًا وازداد برده إيلامًا. شعر بالخوف والوحشة وتذكّر الإسطبل حيث كانت أمّه تلعق جبينه كلّ ليلةٍ بلطفٍ وحنانٍ وحيث الدّفء والأمان وحيث كان قنديلٌ صغيرٌ يُنير المكان حتّى الصّباح ثمّ نظر إلى حاله الآن وحيدًا خائفًا في البرد والظّلام الدّامس.

على هذه الحال أمضى الحمار الصّغير ليلته الأولى في الغابة. كانت أصعب وأطول ليلةٍ مرّت عليه في حياته.

لم يُصدّق عينيه حين رأى السُّحب تنقشع والمطر يتوقّف والشّمس تبزغ بالدّفء والأنوار. انتفض في مكانه ونَفض عنه الغُبار والماء والألم وصعد راكضًا نحو ربوته التي تُطلّ على كلّ الغابة. وقف هناك ليُعزّي نفسه برُؤية ذلك المشهد الرّائع الّذي سحره بالأمس إلاّ أنّه لم يره بنفس العين وكأنّ لمسةً سحريّةً كانت تُزيّنه في عينيه قد محاها ظلامُ الليلة السابقة.

الرّئيسيّة

الفهرس