ركض في اتجاه الغابة دون أن يُبالي إلى الدّرب الّذي سلكه فمرّ عبر الخضروات وقفز على السّياج وتعثّر في حُفر الشُّجيرات الصّغيرة لكنّه واصل الرّكض بسرعةٍ دون أن ينظر خلفه ودون أن يدري إن كان سيّده قد انتبه لفراره وإن كان قد لحق به أم لا. ركض بكلّ ما أُوتي من قوّةٍ بما في ذلك قوّةً خفيّةً كانت كامنةً في أعماقه تنتظر الفرصة السّانحة لتَتَحَرَّرَ.
ركض بكلّ سرعةٍ حتّى تطايرت أُذناه الطّويلتان في الهواء وما عاد يشعر بوقع حوافره على الأرض فما عاد يشعر بوخز الأشواك ولا قساوة الصّخور وأحسّ كأنّ قوائمه ارتفعت عن الأرض وكأنّه بدأ يُحلّق في السّماء.
ركض ثمّ ركض إلى أن تجاوز كلّ الحقول والضّياع وتجاوز التّلال ثمّ عبر جدول الماء الصّغير رغم خوفه عادةً من تيّار المياه الجارية إلاّ أنّ شعوره بفرحة الحُرّيّة لم يترك مجالاً في قلبه لشعورٍ غيره.