نورٌ خافتٌ لمعَ في الأُفق مُبشِّرا بِيومٍ جديدٍ، شيئًا فشيئًا أشرقت الشّمسُ من خلف التّلال وكلّما ارتفعت في السّماء كلّما انتشر النُّور فوق حقول القمح ثم فوق ضياع الزّيتون وبعد ذلك أنارَ منازل الفلاّحين البسيطة ليعمّ أخيرًا كلّ الأرجاء.
آيةٌ من آيات الله ونعمه الّتي شمل بها كلّ البشر بل وكلّ الحياة على وجه الأرض، نورٌ ودفءٌ وجمالٌ، سبحان الخلاّق.
في هذه الأثناء كان الفلاّحون في حقولهم وضياعهم في كدٍّ ونشاطٍ منهم الزّارعُ ومنهم الغارسُ ومنهم السَّاقي ومنهم من يرْعى أغنامه. كلٌّ منغمسٌ في عمله وبين الفينة والأخرى يصدحون بالأهازيج الرّيفيّة المُمتعة أو يتبادلون بعض الطّرائف التّي تُروّح عن النّفوس.
أجسامٌ سمراءٌ قويّةٌ وجباهٌ مُبلّلةٌ بالعرق ووجوهٌ باسمةٌ مستبشرةٌ بالخيرات والبركات.
فوق المرج الأخضر المُطرّز بالأقحوان كانت الخِراف تقفز وتمرح على صوت أنغامِ نايٍ عذبةٍ يعزفها الرّاعي الشّاب ببراعةٍ وإتقانٍ.